جميعنا نعلم أن الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي في الانتخابات الأكثر أهمية وتأثيرًا على مستوى العالم، دونالد ترامب، هو في الأساس رجل أعمال! وكما هو معروف؛ رجل الأعمال هو من يبحث عن الفرص والأموال؛ ودونالد ترامب على وجه الخصوص رجل مُحب للأموال وليست أمواله فقط بل أموال الأخرين أيضًا! على حد قوله.     

في انتخابات 2024؛ شهدنا تحولًا ملحوظًا في مواقف ترامب؛ إذ اتخذ خطوات تبدو متناقضة مع توجهات الحزب الجمهوري التقليدية. فعلى سبيل المثال، رغم أن الحزب الجمهوري لا يتبنى عادةً سياسات داعمة للطاقة النظيفة، وطد ترامب علاقته مع إيلون ماسك، الملياردير ومالك شركة تسلا للسيارات الكهربائية، والتي تعد رمزًا للتوجه نحو بيئة نظيفة.

قد يهمك أيضًا: إيلون ماسك قد يتحول إلى مستشار سياسي لترامب في حال فوزه بالانتخابات!

خلفية علاقة ماسك وترامب الوطيدة أعقد من ذلك بالتأكيد!

أظهر ترامب اهتمامًا متزايدًا باستمالة عمالقة وادي السيليكون في حملته الحالية؛ فالتقنية ليست فقط المستقبل بل هي شلالات من الأموال المتدفقة في الاقتصاد الأمريكي. ومن المفاجآت الكبرى أن ترامب أصبح داعمًا قويًا ومُشجعًا للعملة الذهبية الرقمية، البيتكوين!

وفي فترته الرئاسية المُنتهية؛ أشار ترامب إلى أن العملات الرقمية ليست نقودًا؛ واعتبرها شديدة التقلب وكقلاع مبنية في الهواء. وحذر من أن الأصول المشفرة تساهم في تسهيل الأسواق السوداء غير القانونية؛ وأن النقود الحقيقية الوحيدة هي "الدولار الأمريكي". لكن السؤال هنا هل يتجاهل ترامب سوق بقيمة 2 تريليون دولار الآن؟ بالطبع لا! كما أنها نقطة في غاية الأهمية، تلاعب بها ترامب كضربة لمنافسته الديمقراطية، كامالا هاريس؛ إذ أدعى أن الحزب الديمقراطي يحارب العملات المُشفرة، وهو ما يرفضه قلب ترامب المُحب للمال.

ترامب والبيتكوين - قصة حب جديدة

وفقًا لتصريح مساعد حملة دونالد ترامب لشبكة CNBC، جمعت حملة المرشح الرئاسي حوالي 4 ملايين دولار من العملات المُشفرة. وأشار تقرير لجنة الانتخابات الفيدرالية إلى أن المساهمين تبرعوا بمجموعة متنوعة من العملات الرقمية، بما في ذلك البيتكوين، والإيثيريوم، وعملة XRP الخاصة بشبكة Ripple، والعملات المستقرة المرتبطة بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى العديد من العملات الميمية. وذكر التقرير أن ما لا يقل عن 19 متبرعًا قدموا أكثر من 2.15 مليون دولار من البيتكوين للجنة.

وقد انتقد ترامب جهود إدارة بايدن لتنظيم صناعة العملات الرقمية، واصفًا إياها بأنها "حرب على العملات الرقمية". كما تعهد، في حال انتخابه رئيسًا، بتسهيل عمل شركات تعدين العملات الرقمية في الولايات المتحدة. وفي المقابل، أبدت صناعة العملات الرقمية ترحيبها بترامب، حيث قام قادتها ومستثمروها بالتبرع بملايين الدولارات لحملته الانتخابية ولجانها السياسية المتحالفة.

وقدم كبار الصناعة الدعم من خلال جمهورهم الكبير على الإنترنت، وفي مؤتمر البيتكوين 2024؛ كان ترامب حاضرًا بقوة على منصة المؤتمر للتحدث مباشرة إلى ما يُقدر بنحو 20,000 شخص في مؤتمر البيتكوين السنوي يوم السبت؛ وبصعوده على المنصة وقبل الحديث كان التصفيق الحار يتبع ترامب الذي افتتح كلامه قائلًا “Hello Bitcoiners”.     

وخلال المؤتمر، قدم ترامب عدة التزامات سياسية مؤيدة للعملات الرقمية. من بين هذه الالتزامات، تعهد بإقالة رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات، غاري جينسلر، وإنشاء "احتياطي استراتيجي وطني للبيتكوين". وأتت تلك الوعود كجزء من استراتيجية حملته لتعزيز نمو صناعة العملات الرقمية في الولايات المتحدة؛ إذ أكد ترامب في المؤتمر قائلًا؛ "إذا كانت العملات الرقمية ستحدد المستقبل، أريد أن يكون تعدينها وصكها وصنعها في الولايات المتحدة."

استجابةً لموقف ترامب، وقع أكثر من عشرة من الديمقراطيين في مجلس النواب بالإضافة إلى أعداد أكبر من المرشحين لمقاعد الكونغرس على رسالة إلى اللجنة الوطنية الديمقراطية. تدعو الرسالة إلى اعتماد نهج مستقبلي تجاه العملات الرقمية، من خلال دعم الأصول الرقمية في منصة الحزب. كما تشجع على اختيار رئيس للجنة الأوراق المالية والبورصات يكون داعماً للابتكار في مجال العملات الرقمية.

يُمكن أن يرى البعض ذلك التحول تناقض لكنه في الواقع يؤكد قدرة دونالد ترامب على التكيف مع المتغيرات السياسية والاقتصادية، واستعداده لتغيير مواقفه إذا رأى في ذلك مصلحة لحملته الانتخابية. ويبدو أن قضية العملات الرقمية قد تلعب دورًا مهمًا في الانتخابات الأمريكية القادمة؛ ففي النهاية يختلف كلا التيارين في الحكم على تلك القضية.