في الآونة الأخيرة، أثار الملياردير ومالك منصة إكس، إيلون ماسك، جدلاً واسعًا حول دور شركات التكنولوجيا العملاقة في التأثير على الانتخابات الأمريكية؛ إذ وجه ماسك اتهامات لشركة جوجل، مدعيًا أنها تتلاعب بنتائج البحث عن المرشح الرئاسي دونالد ترامب، وذلك من خلال حظر ظهور بعض النتائج في محرك البحث الخاص بها.

ردت جوجل بسرعة على هذه الاتهامات، نافية بشكلٍ قاطع أي تلاعب متعمد بنتائج البحث؛ كما أوضحت الشركة أن ما يحدث هو جزء من سياستها العامة لتقييد المحتوى العنيف المرتبط بالشخصيات السياسية، وليس استهدافًا لشخص ترامب على وجه الخصوص.

حظر صورة محاولة اغتيال ترمب ووصفها بالمضللة

لكن لم تكن جوجل المتهم الوحيد في قفص عمالقة التكنولوجيا. فقد دخلت ميتا القفص أيضًا؛ إذ نشر العديد من المستخدمين على منصة إكس (تويتر سابقًا) أن ميتا تصنف صورة ترامب الشهيرة بعد محاولة الاغتيال على أنها "متلاعب بها بشكل مضلل" وغير حقيقية. الأمر الذي زاد من حدة الجدل، هو ما أشار إليه بعض مستخدمي تطبيق الذكاء الاصطناعي التابع لشركة ميتا (Meta AI)؛ إذ ذكر هؤلاء المستخدمون أن بوت الدردشة الذكي ينكر تمامًا وقوع أي محاولة اغتيال استهدفت ترامب، مؤكدًا أن مثل هذا الحدث لم يقع على الإطلاق!

الهلوسة هي السبب!

قال جويل كابلان، رئيس السياسة العالمية في ميتا، في منشور على مدونة الشركة، إن ردود الذكاء الاصطناعي حول حادثة إطلاق النار كانت مؤسفة. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي مُبرمج على عدم الرد على الأسئلة المتعلقة بمحاولة الاغتيال! وأكمل جويل أن الشركة أزالت ذلك القيد عندما بدأ المستخدمون بملاحظة ذلك؛ كما أقر أن الذكاء الاصطناعي "في عدد قليل من الحالات" استمر في تقديم إجابات غير صحيحة؛ بما في ذلك التأكيد على أن حدث محاولة اغتيال ترامب لم يحدث، وقال إن ميتا تعمل على معالجة تلك الهلوسة بسرعة.

وأشار كابلان أن هذا النوع من الردود يُعرف بالهلاوس، وهي مشكلة تواجهها جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي وتُشكل تحديًا مُستمرًا لكيفية تعامل الذكاء الاصطناعي مع الأحداث في الوقت اللحظي لحادثة ما في المستقبل. كما قال إن جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي تقدم مُخرجات غير دقيقة أو غير مناسبة، وأن الشركة ستستمر في معالجة تلك المشاكل وتحسين المميزات كلما تطور النموذج بمساعدة آراء المستخدمين.

ربما لو لم تشير ميتا إلى صورة دونالد ترامب على منصاتها أنها متلاعب بها ومُضللة لظننت أن الأمر مجرد هلوسة؛ كما حدث مع AI Overview من جوجل، عندما نصح أحد المُستخدمين أن يتناول صخرة يوميًا. لكن تلك السابقة جعلت الأصابع تُشير إلى ميتا.

ونشر دونالد ترامب على منصته Truth Social؛ منشورًا على ما حدث من جوجل وميتا يتهمهم بمحاولة أخرى لتزوير الانتخابات! ودعى المؤيدين له لاتخاذ موقف صارم ضد جوجل وميتا؛ والتحدث عما يرتكبوه من محاولات للتدخل في الانتخابات. كما قال إنه سيكون أكثر صرامة هذه المرة. جدير بالذكر أن ترامب توعد لمارك زوكربيرج بالسجن إذا حاول التدخل في الانتخابات أو التلاعب بها بأي شكل.

تهديد ترامب للمتلاعبين بنتائج الانتخابات على منصته Truth social

هذه السلسلة من الاتهامات والادعاءات تسلط الضوء على قضية أكبر وأكثر تعقيدًا، وهي مدى تأثير شركات التكنولوجيا العملاقة على تشكيل الرأي العام وتوجيه الناخبين، خاصةً في فترات الانتخابات الحساسة. كما تثير تساؤلات حول مسؤولية هذه الشركات في ضمان حيادية منصاتها وخدماتها، والتوازن الدقيق بين مكافحة المعلومات المضللة وبين ضمان حرية التعبير وتداول المعلومات. خاصةً وأن العديد يثق أنهم تلاعبوا بالانتخابات الأمريكية 2020. بالإضافة لذلك فالأمر ليس مُستبعد على الإطلاق؛ إذ استخدمت تلك الشركات قوتها وتأثيرها العالمي في حجب الحقائق عن الجرائم التي تحدث في غزة كأقرب مثال. 

تبقى لنا الآن ثلاثة أشهر على إعلان نتيجة الانتخابات الأكثر ترقبًا في العالم؛ ويبدو أننا سنشهد الكثير من المواضع التي يتشابك فيها النسيج السياسي مع النسيج التقني.