كانت العملاقة الصينية هواوي في طريقها لتصبح أكبر صانع هواتف في العالم متخطيةً آبل وسامسونج؛ ففي عام 2019 صدرت هواوي 240.6 مليون هاتف ذكي إلى العالم! لكن في نفس العام؛ أُدرجت الشركة و70 من شركاتها التابعة على القائمة السوداء للتجارة الأمريكية لمخاوف تتعلق بالأمن القومي. وتتسبب القائمة السوداء بمنع أي شركة أمريكية من التعامل مع هواوي بدون الحصول على ترخيص من الحكومة الأمريكية.

تُعد هواوي واحدة من الشركات الرائدة في تكنولوجيا 5G؛ إذ تُعرف بكونها الأكثر تطورًا وابتكارًا في العالم. وتُساهم بشكل كبير في نشر تقنية الجيل الخامس من خلال كونها مُزودًا رئيسيًا لمعدات وأجهزة هذه التقنية، بما في ذلك؛ الهواتف الذكية ومعدات البنية التحتية وأجهزة الاستشعار والعديد من الأجهزة المتطورة الأخرى.

تعتمد شبكات الجيل الخامس على شرائح خاصة متطورة لتعمل بكفاءة؛ مثل الشرائح المتكاملة (SoC) وتأتي هذه الشرائح بتصميم فريد يجمع بين وحدة المعالجة المركزية (CPU) ووحدة معالجة الرسومات (GPU) ووحدة المودم 5G في شريحة واحدة صغيرة. وتعتبر شركة Qualcomm الأمريكية رائدة في مجال تصنيع هذه الشرائح المتطورة. فقد كانت Qualcomm أكبر مورد للرقائق لهواوي، عملاق التكنولوجيا الصيني، قبل أن تُفرض قيود تجارية على الشركة.

المزيد من القيود الأمريكية على الشركة الصينية العملاقة

ألغت الولايات المتحدة أمس بعض التراخيص لتصدير الرقاقات الإلكترونية إلى العملاق الصيني هواوي؛ إذ صرح المتحدث باسم وزارة التجارة الأمريكية أن الوزارة ستواصل تقييم كفاءة الضوابط المعمول بها في حماية الأمن القومي الأمريكي مع مراعاة البيئة المتغيرة للتهديدات وحالة القطاع التقني بشكل عام. وأضاف المتحدث بأن هذه الخطوة هي جزء من العملية كما حدث في السابق.

تُشكل هواوي شعارًا لمجموعة من المخاوف حول الصين وقدرتها التكنولوجية المعبأة في شركة واحدة على حد تعبير أحد المسؤولين الأمريكيين.

حذر المسؤولون في السابق من تداعيات الأمن القومي لتفوق التكنولوجيا الصينية على الولايات المتحدة أو استخدامها لأغراض خبيثة، وهو ما حاولت هواوي نفيه بشدة العديد من المرات. واستمر القلق من الشركة الصينية في أنها قد تبيع منتجات تتيح للحكومة الصينية الوصول إلى البيانات أو التجسس؛ كما أشاروا إلى أن هواوي ستسلم البيانات التي جمعتها إلى الحكومة الصينية، بالإضافة إلى أن تكنولوجيا هواوي قد تساعد في تسليح الصين بشكلٍ ما.

وتُعد شركتا الرقاقات الأمريكيتان Qualcomm وIntel من أبرز الشركات المُصدرة إلى هواوي؛ وصرحت كوالكوم في وقتٍ سابق هذا الشهر أنها تواجه صعوبات أكبر بسبب لجوء عملائها مثل هواوي إلى تطوير رقائقهم الخاصة بدلًا من شرائها من كوالكوم؛ إذ تخشى كوالكوم من هيمنة هواوي على السوق الصينية؛ ما سيؤدي إلى انخفاض مبيعاتها ويؤثر على أرباحها ونتائج عملياتها وتدفقاتها النقدية.

هواوي تصدر هواتف بتقنية 5G على الرغم من الحصار

في أغسطس 2023؛ أطلقت شركة هواوي العملاقة هاتف Mate 60 Pro، واحتوى الهاتف على شريحة متقدمة صنعتها شركة SMIC، والتي تُعد أكبر صانع لأشباه الموصلات في الصين؛ وللمفاجأة كان الهاتف مزودًا بتقنية 5G وهي الميزة التي جاهدت الولايات المتحدة من خلال عقوباتها بمنعها من الاستمرار والتطور في الصين. ونما صافي ربح هواوي في عام 2023 بنسبة 144.5% عن عام 2022، مُحققةً 87 مليار يوان (حوالي 12 مليار دولار) بمساعدة من هاتف Mate 60 Pro.

وفي إبريل 2024؛ أصدرت الشركة مجموعة جديدة من الهواتف -سلسلة- Pura 70 بتقنية الـ5G أيضًا! وواجهت آبل انخفاضًا بنسبة 19.1% في الربع الأول بسبب السلسلة الرائدة الجديدة من هواوي؛ بينما ارتفعت مبيعات هواتف الشركة الصينية بنسبة 69.7%.

تستمر هواوي في تعزيز قوة البحث والتطوير؛ إذ صرحت الشركة ،في عام 2018، أنها ستعمل على زيادة الإنفاق السنوي على البحث والتطوير من 15 إلى 20 مليار دولار سنويًا، وهو ما أثار قلق في الولايات المتحدة بسبب تفوق الشركة الصينية وتمكنها من إصدار عشرات الآلاف من براءات الاختراع في الصين وخارجها. وأنفقت هواوي في عام 2022 حوالي 22 مليار دولار في البحث والتطوير برغم التحديات التي تواجهها؛ ما مثل 25.1% من إيراداتها السنوية في ذلك العام.

Pura 70 Series

على الرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة على هواوي، تمكنت الشركة الصينية العملاقة من تحقيق إنجازات هائلة في مجال تكنولوجيا الجيل الخامس (5G) خلال عامي 2023 و 2024؛ ما تسبب في استمرار عمليات التضييق على الشركة خوفًا من التقدم في هذا المجال؛ والذي أصبح يؤثر على الشركات الأمريكية أيضًا. ويبدو أن إلغاء التراخيص الأمريكية يُعجل بمساعي هواوي للاعتماد على نفسها. فهل نرى هواوي تُصنِع شرائحها الخاصة يومًا ما؟