في خطوة غير مسبوقة، يسعى قرابة 300 موظف في شركة "ديب مايند" التابعة لجوجل بالمملكة المتحدة إلى تشكيل نقابة عمالية، في محاولة للضغط على الإدارة للتراجع عن صفقاتها العسكرية، خاصةً تلك المُتعلقة ببيع تقنيات الذكاء الاصطناعي للحكومة الإسرائيلية.

يأتي هذا التحرُّك وسط تصاعد الاستياء الداخلي من سياسات الشركة الأخلاقية، والتي يتهمها الموظفون بالتخلّي عن مبادئها المُعلنة لصالح المصالح التجارية.

اقرأ أيضًا:

كيف تساعد جوجل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر؟
ابتهال أبو سعد تكشف دور مايكروسوفت في دعم جيش الاحتلال

صفقات عسكرية وتراجع عن المبادئ

وفقًا لمصادر مُطلعة، ازدادت حدّة التوتر داخل "DeepMind" بعد أن تراجعت شركة جوجل في فبراير 2025 عن تعهدها بعدم تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي "قد تسبب ضررًا عامًا"، بما في ذلك أنظمة الأسلحة والمُراقبة الجماعية.

كما أثارت تقارير إعلامية حول تعاقد جوجل وأمازون مع وزارة الدفاع الإسرائيلية على صفقة سحابية بقيمة 1.2 مليار دولار (مشروع نيمبوس) مخاوف الموظفين من استخدام تقنياتهم في الصراع بغزة.

وذكرت مصادر أنّ 5 موظفين استقالوا خلال الشهرين الماضيين احتجاجًا على هذه الصفقات، بينما طردت جوجل موظفين في الولايات المتحدة نظموا اعتصامات ضد "Nimbus". وفي مايو 2024، وجه موظفو "ديب مايند" رسالة إلى الإدارة يُطالبون فيها بإلغاء العقود العسكرية، لكن طلبهم قوبل بالرفض.

دوافع الموظفين: بين الخداع الأخلاقي والتوظيف العسكري

قال مهندس مُشارك في جهود تشكيل النقابة: "نجمع بين التقارير ونرى أن التكنولوجيا التي نطورها تُستخدم في الصراع بغزة. هذا ذكاء اصطناعي مُتقدم يُقدم لصراع دموي. لا يريد أحد أن يُستخدم عمله بهذه الطريقة." وأضاف آخر: "يشعر الناس بالخداع".

تعكس هذه التصريحات تحولًا جذريًا في ثقافة DeepMind، التي جذبت في البداية موظفين يؤمنون بتوظيف الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية. لكن مع تغير أولويات جوجل نحو الربح، بدأ التوتر يطفو على السطح.

وأشار أحد النقابيين إلى أن الدافع ليس المُطالبة بزيادات رواتب (فالموظفون يتقاضون أجورًا مُرتفعة)، بل مُحاسبة الشركة على "أخلاقياتها المُعلنة".

من الاعتراف بالنقابة إلى التهديد بالإضراب

لكي تصبح النقابة رسمية، تحتاج إلى اعتراف DeepMind بها من خلال تصويت بين الموظفين البريطانيين، الذين يبلغ عددهم نحو 2000. وإذا نجحت، ستُطالب النقابة بإلغاء الصفقات العسكرية، وقد تلجأ إلى الإضراب في حال رفض الإدارة.

يُناقش موظفو "ديب مايند" في الولايات المتحدة تشكيل نقابة مُماثلة.

يذكر أنّ جوجل واجهت احتجاجات مُماثلة في 2018 عندما ألغت عقدًا مع البنتاجون (مشروع مافن "Project Maven") تحت ضغط الموظفين. لكنها عادت لتغيير سياستها مؤخرًا، وهذا دفع البعض إلى اتهامها بالتضحية بالأخلاق من أجل الجشع.

تحاول DeepMind تحقيق توازن مُستحيل بين ضغوط جوجل لتحقيق أرباح من الذكاء الاصطناعي العسكري، ومطالب موظفيها بالالتزام بالأخلاقيات.

مع تصاعد الحركات النقابية في قطاع التكنولوجيا (مثل نقابة "ألفابت" في 2021)، قد تشهد الشركات الكبرى تحولات جذرية في سياساتها إذا نجحت هذه الجهود.