قررت شركة إنتل الرائدة في مجال الهاردوير وصناعة الرقاقات تعطيل واحدة من أكبر صفقاتها للاستثمار داخل الأراضي المُحتلة بقيمة 15 مليار دولار تقريبًا. وذلك بعد أن أعلنت الشركة عن حصولها على منحة من حكومة الاحتلال بقيمة 3.2 مليار دولار لإنشاء محطة صناعية ضخمة لتطوير الرقاقات. وأعلنت إنتل أن هذا المصنع سيكون في مدينة كيريات جات جنوب تل أبيب بقيمة إجمالية تصل إلى 25 مليار دولار؛ على أن تُساهم إنتل بقيمة 15 مليار دولار كاستثمارات إضافية لبناء هذه المحطة الصناعية.

تُعد إنتل ضمن أكبر الشركات التقنية التي تستثمر في دولة الاحتلال؛ إذ بدأت عملاقة الرقاقات أعمالها في الاحتلال منذ 50 عامًا تقريبًا؛ وذلك مع إنشاء مركزها الأول لأبحاث الرقاقات وأشباه الموصلات في مدينة حيفا. وتأتي إسرائيل في المركز الثالث عالميًا كأكبر الدول التي تحتضن عمليات وأصول شركة إنتل.

والآن؛ تضم أعمال شركة إنتل أكثر من 12 ألف موظف تقريبًا في الكيان، بالإضافة إلى ثلاثة مراكز للبحث والتطوير في حيفا، وقرية ملبّس المُحتلة (مستوطنة بِتاح تِكڤا حاليًا)، ومدينة القدس المُحتلة، مع محطتها الصناعية الرئيسية الموجودة في كيريات جات التي كانت تسعى الشركة إلى توسيعها ضمن هذه الصفقة. لذا؛ تُعد إنتل أكبر الشركات الخاصة الموجودة في الكيان من ناحية العمالة الإسرائيلية وأعمال التصدير.

إحدى مراكز البحث والتطوير في دولة الاحتلال

ضربة موجعة للاقتصاد - إسرائيل تخسر صفقة بقيمة 15 مليار دولار

رفضت إنتل التعليق على هذا القرار في سياق الأحداث الراهنة خلال حرب غزة؛ إذ نفت الشركة وجود أي علاقة بين هذا القرار والحرب المستمرة حاليًا منذ ثمانية أشهر. وأكدت إنتل أن إسرائيل ستظل واحدةً من أكبر الدول الحاضنة لاستثمارات الشركة العالمية؛ وأن هذا القرار ما هو إلا تعطيل أو تأجيل للصفقة المنتظرة منذ العام الماضي. وأضافت الشركة أن المشاريع الضخمة في صناعة التكنولوجيا غالبًا ما تواجه تأخيرات أو تغييرات غير متوقعة. لذا؛ يجب أن تكون الشركة مرنة وقادرة على تغيير خططها للاستجابة لتلك التغييرات.

وكان من المتوقع افتتاح محطة كريات جات الموسعة بحلول عام 2028، وأن تبقى قيد التشغيل حتى عام 2035 على الأقل. وقالت شركة إنتل في ديسمبر الماضي أن أعمال البناء قد بدأت بالفعل؛ وأضافت الشركة حينها أن جزء كبير من المباني قد انتهى بناءه.

تعتمد القرارات على الظروف التجارية، وديناميكيات السوق، والإدارة المسؤولة لرأس المال - إنتل

ليس هذا الاستثمار الضخم من إنتل هو الأول من نوعه في دولة الاحتلال؛ ففي عام 2017، استثمرت عملاقة الرقاقات 15.3 مليار دولار للسيطرة على شركة Mobileye الناشئة التابعة للكيان، والتي تتخصص في تطوير تقنيات وأنظمة مساعدة السائق المتقدمة (ADAS) والقيادة الآلية.

وأقدمت إنتل أيضًا في عام 2023 لشراء شركة تابعة لدولة الاحتلال بقيمة 5.4 مليار دولار؛ وهي شركة تاور لصناعة أشباه الموصلات ومقرها مجدال هعيمق. ولكن تلك الصفقة لم يُكتب لها النجاح؛ إذ أعلنت الجهات التنظيمية الصينية المسؤولة عن مراقبة عمليات الدمج والاستحواذ في السوق الصينية رفضها للصفقة. والذي كلف إنتل 353 مليون دولار لصالح شركة تاور بسبب التراجع عن العقد.

سبب تعطيل الصفقة

رُغم رفض إنتل التعليق ونفيها ارتباط القرار بالحرب على غزة؛ فلا يُمكن أبدًا أن نتجاهل التأثير السلبي الذي خلفته حرب غزة على الكيان؛ أو على القطاع التقني تحديدًا. لذا؛ نرى أن هذه القرارات المفاجئة تُمثل نتيجةً مباشرةً لبداية انهيار القطاع التقني في الكيان؛ خاصةً مع تأثر أغلب الشركات التقنية الكبرى بسبب مناوبة الموظفين على أداء مهامهم العسكرية في غزة؛ إذ يكاد يستحيل على القطاع التقني تحمل سياسة العمل المتقطع نظرًا لتطوره السريع الذي يتطلب مداومةً مستمرةً لمواكبة أحدث التطورات على مستوى العالم.

ورأى البعض أيضًا أن هذه القرارات ناتجةً عن رحيل العديد من الكوادر العلمية والهندسية منذ اندلاع أحداث 7 أكتوبر؛ فقد أثبت الوضع الحالي بعد مرور ثمانية أشهر عجز الكيان عن إنهاء الحرب؛ ما يجعل من إسرائيل دولةً غير آمنة تمامًا بالنسبة للكوادر العلمية التي تجد أمامها العديد من الفرص للهجرة والعمل في الدول الأخرى الغربية.

في النهاية؛ لا يمكن إنكار أن القطاع التقني الإسرائيلي هو ضمن أكثر القطاعات الصناعية تأثرًا في دولة الاحتلال. وفي ظل التعتيم الإعلامي الغربي لكل الأخبار التي توافق الرواية الصهيونية؛ سنظل نؤكد على أهمية نشر ومشاركة هذه الأخبار.