
جوجل تزيل القواعد المضادة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب
أعلنت شركة جوجل الأمريكية يوم أمس الثلاثاء عن تحديث في سياساتها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وتضمن ذلك التحديث إزالة الفقرات التي كانت تتعهد جوجل فيها بعدم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأسلحة والمراقبة.
تحديدًا كانت العبارات المحذوفة هي: لن نسعى لتطبيق الذكاء الاصطناعي في المجالات:
- "التي تسبب أو يُحتمل أن تسبب ضررًا عامًا"
- "الأسلحة أو التقنيات الأخرى التي يكون هدفها الرئيسي أو تطبيقها هو إلحاق الأذى بالأشخاص أو تسهيله مباشرة"
- "التقنيات التي تجمع أو تستخدم المعلومات لأغراض المراقبة التي تنتهك المعايير الدولية المقبولة"
- "التقنيات التي تتعارض أهدافها مع المبادئ المقبولة على نطاق واسع في القانون الدولي وحقوق الإنسان"

في محاولة لتبرير ذلك التغيير، قال ديميس هاسابيس، الذي يعد رئيس تطوير الذكاء الاصطناعي في جوجل حاليًا ونائب رئيس الشركة للتكنولوجيا والمجتمع، جيمس مانيكا، في مدونة:
"هناك منافسة عالمية تجري للريادة في الذكاء الاصطناعي في مشهد جيوسياسي متزايد التعقيد. نؤمن بأن الديمقراطيات يجب أن تقود تطوير الذكاء الاصطناعي، مسترشدة بالقيم الأساسية مثل الحرية والمساواة واحترام حقوق الإنسان. يجب على الشركات والحكومات والمنظمات المتشاركة في القيم نفسها العمل معًا لتطوير ذكاء اصطناعي يحمي الأفراد ويعزز النمو العالمي ويدعم الأمن القومي."
يذكر أن ديميس هاسابيس قد قال في مقابلة سابقة عام 2015، إنه لن تُستخدم أي تكنولوجيا من شركة Deep Mind لأغراض عسكرية أو استخباراتية، Deep Mind هي شركة ذكاء اصطناعي استحوذت عليها جوجل في 2014.
ولكن، هل التزمت جوجل بتلك المبادئ أصلًا؟
هذه السياسات كتبت في 2018، بعد اعتراض من آلاف موظفين داخل جوجل على عقد وقعته الشركة مع البنتاغون، المعروف باسم Project Maven، ويهدف إلى تطوير دقة توجيه الأسلحة.
وفي 2021 أُعلن عن مشروع نيمبوس، وهو شراكة كبيرة بقيمة 1.2 مليار دولار بين جوجل وأمازون وجيش الاحتلال الاسرائيلي، ويهدف المشروع إلى تقديم الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي للحكومة الاسرائيلية.
وقد كان لدى جوجل علم بأن نيمبوس سيستخدم في أغراض عسكرية، ولكنها أكملت مخالفة لسياساتها.
منذ فترة قريبة ظهر تقرير يتحدث عن مسارعة جوجل لتقديم خدمات الذكاء الاصطناعي لجيش الاحتلال الاسرائيلي خلال الحرب على غزة، فيما يعد انتهاكا صارخًا للقواعد والسياسات التي زعمت جوجل وقتها الالتزام بها.

الفرق الآن هو أن تلك القواعد التي كانت ربما محل انتقاد ستحذف، وستقول جوجل صراحة نحن سنوفر الذكاء الاصطناعي للاستخدامات العسكرية، قارن هذا بشعار جوجل في بداياتها، لا تكن شريرًا Don't be evil والآن أصبحت عين الشر بذاته، حتى لو لم يكن هناك أي تعاون مع الجهات العسكرية، تحولت جوجل لشركة محتكرة لسوق كبير من الخدمات الرقمية، Monopoly كما يقول الكتاب!
على أي حال فإن استخدام التقنية في المجالات العسكرية أصبح شيئًا معتادًا لدى شركات التقنية في الآونة الأخيرة، لدينا ميتا التي أعلنت منذ أشهر توفير نموذج Llama لهيئات منها وزارة الدفاع والشركات المتعاقدة معها، وOpenAI، الشركة الأبرز في مجال الذكاء الاصطناعي، قامت بعقد شراكة مع Anduril الناشئة في مجال الدفاع، وتصنّع الأخيرة الصواريخ والطائرات بدون طيار والبرمجيات للجيش الأمريكي.
وإن لم يتم توفير تقنيات الذكاء الاصطناعي مباشرة، ستتوفر خدمات أخرى مثل السحابة والبنية التحتيتة، وهنا يظهر اسما أمازون ومايكروسوفت.
"إعلان جوجل يمثل دليلًا إضافيًا على تزايد التقارب بين قطاع التكنولوجيا الأمريكي ووزارة الدفاع، بما في ذلك شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة."
-مايكل هوروويتز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنسلفانيا والذي عمل سابقًا في مجال التكنولوجيا الناشئة بوزارة الدفاع، في تصريح لواشنطن بوست
أصبح ظاهرًا عيانًا للجميع الآن أن التقنية لا يمكن فصلها عن الحروب والعمليات العسكرية، أكثر من أي وقت مضى، من كان يتخيل أن يذهب الرئيس الأمريكي ليتحدث عن Deepseek نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني! وقد شاهدنا مؤخرًا أيضا مشروع ستارجيت الذي يهدف لتطوير ذكاء اصطناعي أمريكي خارق وبتكلفة 500 مليار دولار! وأين كان الإعلان عنه؟ في البيت الأبيض بحضور ترامب!

فيما يستمر الصراع بين الصين وأمريكا في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي بالتأكيد تعطي قوة للدولة التي تملكها، هناك الاتحاد الاوروبي الذي لم نر منه شيئًا مقاربًا، وبالطبع دولنا العربية، فهل يتغير ذلك مستقبلًا؟
?xml>