في يوليو 2024، اتخذت شركة سكايب، المملوكة لميكروسوفت، إجراءً بحظر حسابات الفلسطينيين حول العالم. أدى هذا القرار إلى منع الكثير من الفلسطينيين المغتربين من التواصل مع عائلاتهم في فلسطين والاطمئنان عليهم. كما تسبب في مشاكل أخرى كفقدان الوصول إلى الحسابات البنكية، وتعطيل فرص العمل، وحجب معلومات هامة أخرى.

بررت ميكروسوفت قرارها بادعاء انتهاك المستخدمين لشروط الخدمة. من جانبهم، نفى المستخدمون المتضررون أي ارتباطات سياسية، مؤكدين أن هدفهم الوحيد كان الاتصال بأحبائهم. ونظرًا للدمار الذي لحق بالبنية التحتية للاتصالات في فلسطين نتيجة القصف الإسرائيلي، كانت خدمة سكايب بمثابة شريان حيوي للتواصل بالنسبة للعديد من الفلسطينيين؛ ما جعل قرار الحظر أكثر تأثيرًا وإيلامًا.

في تطور جديد ضمن سلسلة من الإجراءات المقيدة ضد الفلسطينيين عالميًا، جمدت منصة بينانس، الرائدة في مجال تداول العملات المشفرة، حسابات وأصول جميع مستخدميها الفلسطينيين. وفقًا لراي يوسف، المؤسس المشارك لمنصة باكسفول والرئيس التنفيذي لمنصة نونز للعملات الرقمية، جاء هذا القرار استجابة لتوجيهات من قوات الاحتلال الإسرائيلي. وقد نفذت بينانس هذه التعليمات دون إتاحة أي فرصة للمستخدمين المتضررين لتقديم استئنافات أو اعتراضات على القرار، وأضاف أن جميع الفلسطينيين متضررين بالقرار.

يبيح العالم كل ما يخص الفلسطينيين!

أوضح راي يوسف أن القرار اتُخذ بناءً على رسالة صادرة عن المكتب الوطني لمكافحة تمويل الإرهاب في إسرائيل في نوفمبر 2023. تجيز هذه الرسالة مصادرة الممتلكات، بما فيها العملات الرقمية المرتبطة بالمنظمات التي يصنفها الاحتلال على أنها إرهابية. وفي أكتوبر 2023، بعد بداية العدوان الغاشم على غزة، أصدر الكيان الصهيوني أمرًا لتجميد حسابات الفلسطينيين. ونفذت هذا الإجراء وحدة الشرطة الإلكترونية الإسرائيلية، بالتعاون مع وزارة الدفاع وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" (المعروف أيضًا باسم "شين بيت") بالتعاون مع منصة بينانس للعملات الرقمية.

من خلال تلك المعلومات يتضح أن الاحتلال أصدر الأمر لبينانس قبل شهر من وجود قانون يشرع تلك الممارسات.

برر الاحتلال الإسرائيلي قراره بتجميد الأصول المشفرة بالحاجة الملحة لوقف جميع أشكال جمع الأموال التي قد تدعم أنشطة حركة حماس داخل البلاد. ووفقًا لبيان رسمي إسرائيلي، فإن اندلاع الحرب قد دفع المقاومة الفلسطينية إلى إطلاق حملات لجمع التبرعات عبر منصات التواصل الاجتماعي. وأشار البيان إلى أن هذه الحملات تهدف إلى تشجيع المؤيدين والجمهور العام على التبرع بالعملات المشفرة لصالح حسابات حماس. 

وفي عام 2021، حظرت إسرائيل نحو 190 حسابًا على منصة بينانس، مدعية ارتباطها بتمويل الإرهاب. وفي رد رسمي، أكدت بينانس أن فريقًا متخصصًا من المنصة يعمل بشكل مباشر ومستمر مع السلطات الإسرائيلية لدعم جهودها في مكافحة تمويل الإرهاب. وأضاف المتحدث الرسمي أن بينانس ملتزمة بتعزيز الأمن والسلامة على الصعيد العالمي، وتسعى لتحقيق هذا الهدف أيضًا في مجال تقنية البلوكتشين.

في مارس 2023؛ تعرضت منصة بينانس لاتهامات من الولايات المتحدة بتسهيل معاملات غير قانونية لحركة حماس عبر منصتها. ورُفعت دعوى قضائية أخرى في يناير 2024 ضد بينانس؛ من قِبل أمريكيين كانوا متواجدين في دولة الاحتلال أثناء الحرب على غزة، بزعم تسهيل آلية التمويل للمقاومة الفلسطينية. 

أضاف هذا الاتهام ضغطًا جديدًا على الشركة، التي وجدت نفسها في مواجهة تدقيق متزايد من قبل العديد من الدول حول العالم. ونتيجة لهذا الضغط العالمي المتصاعد، قد تجد بينانس نفسها مضطرة للامتثال للابتزاز الممنهج من الدول، في محاولة للحفاظ على وجودها في السوق العالمية وتجنب العقوبات المحتملة. كما حدث أيضًا عندما رفضت بينانس حظر المستخدمين الروس، لكن ضغوط الولايات المتحدة أدت لخروج بينانس من روسيا في نهاية الأمر وسجن المؤسس CZ.

يأخذنا ذلك إلى احتمال آخر أيضًا؛ وهو وجود تأييد داخلي لهذه الإجراءات. ومع ذلك، بغض النظر عن الدوافع الحقيقية، سواء كانت نابعة من ضغوط خارجية أو قناعات داخلية، فإن النتيجة واحدة؛ إذ تخاطر بينانس بخسارة قاعدة مستخدميها وتشويه سمعتها العالمية. وستؤدي استجابة المنصة لمطالب الاحتلال والدول الغربية، طوعًا أو كرهًا، إلى تداعيات سلبية على مكانتها في سوق العملات المشفرة.

لكن إلى متى نرى تلك الممارسات الوقحة في حق الشعب الفلسطيني؟ متى يتوقف العالم عن استباحة كل ما لهم؛ أرضهم ومالهم وبيوتهم! إلى متى ينصاع العالم لُبعبع كلمة «الإرهاب» التي يقحمها الاحتلال في كل ما أراد الوصول إليه وسرقته وقتله وتدميره!