• تحديث X الأخير يكشف شبكات فتنة تُدار من إسرائيل عبر حسابات مُموهة.
  • حملات منظمة تُثير العداء بين الدول العربية بأساليب رقمية متقنة.
  • الوحدة 8200 تشرف على عمليات تأثير تستغل الأزمات العربية.
  • الحاجة إلى وعي رقمي عربي لصد التضليل المستمر.

شهدت الأيام الاخيرة موجة واسعة من الغضب في العالم العربي بعد أن كشف التحديث الجديد في منصة X عن أن عددًا ضخمًا من الحسابات التي تبث الكراهية وتزرع التوتر بين الدول العربية مُدارة من داخل اسرائيل.

يظهر التحديث معلومات مباشرة حول مكان الحساب الفعلي اعتمادًا على مؤشرات تقنية، فظهرت خزائن كاملة من الحسابات التي يرفع أصحابها شعارات عربية ويستخدمون لهجات محلية، بينما ينشطون من داخل دولة الاحتلال في مسارات هجومية منظمة.

طبقات مُموهة من الخطاب العدائي

عند مراجعة نماذج كثيرة من تلك الحسابات يتبين أنماط متكررة في محتواها. فهناك رسائل تحريضية تستهدف العلاقة بين الشعوب العربية، وحملات موجة لإشعال العداء بين دول ترتبط بمصالح مشتركة. كما تنتشر منشورات تُهول قضايا داخلية عربية وتعيد تدوير الإشاعات بصورة تبدو طبيعية في الظاهر، لكنها تسعى إلى دفع المستخدم العربي نحو موقف عدائي ضد شعب آخر في المنطقة.

تتشابه لغة هذه الحسابات في أسلوب الاستفزاز، وتكرر هجومها على المؤسسات الرسمية العربية، وتظهر وكأنها جزء من نقاش داخلي في كل بلد عربي، بينما تعمل ضمن شبكة منظمة هدفها تعطيل الاستقرار وصناعة ارتباك دائم داخل الرأي العام.

هوية مزيفة وخريطة مُضللة

أظهر تحديث X الأخير أيضًا خريطة أوسع لحسابات عملت خلال الشهور الماضية على توجيه موجات عدائية في مسارات متباينة داخل المنطقة. فهناك مجموعات كبيرة من الحسابات التي كانت تدعم عمليات الدعم السريع في السودان وتقدم نفسها بوصفها أصواتا محلية، بينما كشف التتبع أن مواقعها الفعلية في الإمارات وبريطانيا.

كما برزت حسابات ادعت الانتماء إلى السعودية وهاجمت مصر بصورة ممنهجة، ليتبين لاحقا أن مقارها الرقمية في تركيا وبريطانيا والكيان الإسرائيلي. وفي الاتجاه نفسه ظهرت شبكات واسعة تدعم رواية الاحتلال مباشرة رغم استخدامها هوية محايدة، وقد كشف التحديث أن أغلبها يعمل من داخل الهند!

وتكررت الحالة ذاتها مع حسابات تهاجم سوريا بلا توقف، بينما تعمل من الولايات المتحدة والهند تحت غطاء تقني مُموه. هذه الفوضى المتعمدة تعكس صناعة منظمة للخطاب لا تستمد قوتها من عدد منشوراتها، وانما من قدرتها على التخفي خلف دعوات ظاهرها عربي وباطنها مشروع خارجي يستهدف تمزيق الوعي الجماعي.

تحديث X الأخير يفضح آلاف الحسابات التي تنشر الفتن في العالم العربي!

الدور الظاهر للوحدة 8200

هذا النوع من النشاط ليس جديدًا على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. فالوحدة 8200 معروفة بخبرتها في الرصد السيبراني وتوجيه العمليات المعلوماتية عبر الانترنت، وهي الذراع الأوسع تأثيرًا في مشروع الاحتلال المخصص لجمع البيانات وإدارة حملات التأثير. ووجود آلاف الحسابات التي تعمل في اتجاه واحد وبمنهجية واحدة يعكس توجهًا مبنيًا على التخطيط العسكري الرقمي، وليس مجرد نشاط عشوائي.

لا يظهر هذا الوجود عبر تكرار منشورات عدائية فقط، بل عبر توقيت الهجمات الرقمية أثناء الأزمات العربية، حيث تتحرك الحسابات بشكل متزامن لتوجيه موجة إشاعات، وتغذية حالة الغضب الشعبي، ودفع جماهير كاملة إلى معارك جانبية تُبعد الأنظار عن القضايا المركزية في المنطقة.

تقنية محسوبة لزرع الانقسام

تستخدم هذه الجهات أدوات متقدمة لصناعة هوية رقمية مقنعة، مثل اختيار لهجات مختلفة، ومتابعة حسابات عربية شهيرة، وافتعال نقاشات داخلية. كما تلجأ إلى أساليب التحايل من خلال تدوير منشورات شعبية وادعاء الانتماء إلى قضايا محلية. ومع ذلك كشف التحديث الاخير موقع هذه الحسابات، فظهرت الحقيقة واضحة دون الحاجة إلى تحليل معقد.

عمل الكيان الإسرائيلي طوال سنوات على استغلال الفضاء الرقمي العربي لصناعة ضجيج متواصل، وخلق صورة مشوهة عن المجتمعات العربية، واستثمار الخلافات الصغيرة لتتحول إلى صراعات ثقيلة. والأدوات التي كانت تعتمد على التخفي أصبحت مكشوفة الآن بعد تحديث X الاخير.

تأثيرات مباشرة على الوعي العربي

صارت إدارة المعركة الرقمية جزءًا من الصراع العربي الإسرائيلي، وليست مجرد نشاط جانبي. فالمعلومات المضللة تؤثر في انطباعات الناس عن مجتمعاتهم، وتضغط على الحكومات العربية، وتشعل الخلافات بين دول المنطقة. ومع أن هذه الحملات لا تغير حقائق التاريخ، لكنها قد تزرع انطباعات لحظية تُستغل في مسارات سياسية وإعلامية.

إن كشف مصدر هذه الحسابات يفتح الباب أمام وعي عربي أعمق بما يجري خلف الشاشات. فالمستخدم العربي الذي يتفاعل مع المحتوى السياسي يجب أن يعرف أن جزءًا كبيرًا من الضوضاء التي يقرأها ليس صادرًا من مجتمعه، بل من طرف يعمل بشكل منهجي على تفكيك الروابط العربية.

الحاجة إلى وعي نشط

الخطورة ليست في وجود حساب إسرائيلي يهاجم العرب، بل في أن يتحول هذا الحساب إلى مصدر دائم للقلق والتشكيك وتفتيت الوحدة. لذلك فإن كل كشف جديد من هذا النوع يضيف طبقة إضافية من الوعي، ويمنح القارئ العربي قدرة أعلى على التمييز بين الصوت الحقيقي والصوت المصنوع.

رأي شخصي: أرى أن ما كشفه تحديث X الأخير هو بمثابة نافذة على معركة أكبر تُخاض داخل الإنترنت. ومع أن الحسابات المنسوبة إلى الكيان المحتل كثيرة، إلا أن الوعي العربي قادر على مواجهتها حين يعرف خلفياتها وأهدافها. فالصوت الصادق يبقى أقوى من ضجيج التضليل، والإرادة المشتركة بمقدورها أن تحمي العقول تمامًا كما تحمي الأرض والتراث.