• انسحاب سوني من إسرائيل يعكس تراجع الثقة في بيئة التكنولوجيا داخل الكيان المحتل.
  • إعادة ألتاير سيميكونداكتور إلى الاستقلال بعد تسع سنوات من استحواذ سوني.
  • الانسحاب جزء من موجة خروج الشركات الأجنبية منذ عام 2024.
  • محللون يرون أن الكيان يفقد مكانته كمركز إقليمي للابتكار.

شهدت الساحة التكنولوجية في الكيان الإسرائيلي تطورًا لافتًا بعد إعلان شركة سوني اليابانية عن إنهاء نشاطها في مجال تطوير الرقائق داخل الكيان المحتل، وهو قرار أوردته صحيفة جلوبس الاقتصادية واعتُبر خطوة تعكس تغيّر البيئة الاستثمارية في البلاد.

اتخذت سوني قرارها بإعادة الكيان العامل في هذا المجال إلى وضعه السابق تحت اسم «ألتاير سيميكونداكتور»، لتعود الشركة إلى الاستقلال بعد نحو تسع سنوات من استحواذ سوني عليها في عام 2016 مقابل نحو 212 مليون دولار. وبهذا القرار، توقفت سوني عن خطتها لإنشاء مركز تطوير دائم داخل الكيان الإسرائيلي، وهو المشروع الذي كانت تراهن عليه لتعزيز حضورها في قطاع الرقائق والاتصالات المتقدمة.

انسحاب سوني من إسرائيل

احتوى مصنع هود هشَرون في هرتسليا على نحو مئتي موظف وكان من أبرز استثمارات سوني في الكيان المحتل. ومع إعادة الهيكلة الأخيرة، عاد المصنع إلى العمل بصفة كيان مستقل، في حين احتفظت سوني بحصة مساهمة دون أي دور إداري مباشر.

جاءت هذه الخطوة بعد سلسلة من عمليات تسريح الموظفين خلال العامين الماضيين، ضمن خطة إعادة تنظيم شاملة هدفت إلى تقليص التكاليف وتحسين كفاءة التشغيل في ظل صعوبات السوق، وقد انتهت بانسحاب سوني من إسرائيل.

تغير المناخ الاقتصادي والأمني

تزامن انسحاب سوني من إسرائيل مع فترة شهدت تراجعًا في الاستقرار الاقتصادي والأمني داخل الكيان المحتل. وأشارت الصحيفة إلى أن بيئة الأعمال فقدت جاذبيتها تدريجيًا بالنسبة للمستثمرين الأجانب، لا سيما بعد الحرب الوحشية في قطاع غزة وتراجع تدفقات التمويل الدولي.

كما رأت مصادر من القطاع التكنولوجي أن انسحاب الشركة اليابانية يعكس فقدان الثقة في استمرارية بيئة التطوير التي لطالما تم الترويج لها بوصفها مركزًا عالميًا للابتكار.

انسحاب سوني من إسرائيل | شركة سوني توقف تطوير الرقائق في الكيان المحتل
الدمار الهائل في قطاع غزة

أهمية المركز ودوره التقني

ركز مركز سوني لأشباه الموصلات في الكيان الإسرائيلي على تطوير رقائق الاتصال المستخدمة في شبكات LTE والجيل الخامس، وهي تقنيات تُستخدم بشكل واسع في إدارة سلاسل الإمداد والمستودعات. وقد أسهم المركز في تحسين كفاءة الأنظمة اللوجستية عبر تمكين تتبع المخزون وإدارة المعدات الذكية، ما جعل وجوده محوريًا في مشروعات التحول الرقمي.

لكن مع تقلص الإنفاق على البحث والتطوير وتراجع البيئة التنافسية، باتت الاستثمارات في هذا المجال تواجه صعوبات كبيرة، وأصبح استمرار العمليات عبئًا لا يتناسب مع حجم العائد المتوقع، وهو ما ساعد على اتخاذ قرار انسحاب سوني من إسرائيل.

تراجع التعاون بين اليابان وإسرائيل

اعتُبرت شركة ألتاير في بدايتها واحدة من أبرز قصص النجاح في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي خلال العقد الأول من الألفية الجديدة. فقد طورت الشركة حلولًا متقدمة في شرائح الاتصالات وتقنيات ويماكس، ما جعلها محط اهتمام شركات عالمية مثل سوني.

غير أن قرار إعادة ألتاير إلى وضعها السابق يعيدها إلى نقطة الانطلاق بعد أن كانت نموذجًا للتعاون بين الكيان المحتل واليابان في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

مؤشرات على انسحابات قادمة

أفادت جلوبس أن الإدارة الحالية للشركة في الكيان المحتل بقيادة نوهك سيميل ستواصل الإشراف على الأعمال خلال المرحلة الانتقالية، ولكن بشكل منفصل، كما امتنعت عن التعليق على القرار أو توضيح مصير الموظفين المتأثرين بعد انسحاب سوني من إسرائيل.

وفي المقابل، نقلت الصحيفة عن مصادر في القطاع التكنولوجي أن هذه الخطوة تمثل إشارة مقلقة لبقية الشركات الأجنبية العاملة في الكيان الإسرائيلي، إذ يُتوقع أن تتبعها مؤسسات أخرى في ظل تزايد تكاليف التشغيل وتراجع الحوافز الحكومية.

نوهك سيميل الرئيس التنفيذي لشركة سوني في إسرائيل
نوهك سيميل الرئيس التنفيذي لشركة سوني في إسرائيل

توابع انسحاب سوني من إسرائيل

لم يكن قرار انسحاب سوني من إسرائيل حالة منفردة، بل جاء ضمن موجة متنامية من الانسحابات الأجنبية التي بدأت منذ منتصف عام 2024 مع تصاعد التوترات السياسية والانكماش الاقتصادي. وقد أسهمت هذه التطورات في تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة ملحوظة، الأمر الذي أثر على قطاعات كانت تُعد سابقًا ركيزة للنمو مثل التكنولوجيا المتقدمة والطاقة والبحث العلمي.

اعتبر محللون أن انسحاب سوني من إسرائيل يشير إلى تحول أوسع في النظرة العالمية تجاه الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في المجالات التي تتطلب استقرارًا طويل الأمد وبيئة آمنة للبحث والتطوير. كما يرون أن هذه التطورات قد تؤدي إلى فقدان الكيان المحتل ميزة كانت تميزه في قطاع الابتكار، مع انتقال جزء من الاستثمارات نحو أسواق أكثر استقرارًا في آسيا وأوروبا.

مستقبل غامض لقطاع التكنولوجيا الإسرائيلي

ترك انسحاب سوني من إسرائيل أثرًا نفسيًا ومعنويًا على مجتمع التكنولوجيا الإسرائيلي الذي يعاني أصلًا من تباطؤ في النمو ونقص في التمويل. وأوضح مراقبون أن هذه الخطوة قد تدفع الحكومة إلى مراجعة سياساتها الاقتصادية لجذب الاستثمارات مجددًا، خصوصًا في ظل تنافس عالمي متزايد على الكفاءات والموارد التقنية.

أما على المستوى العملي، فإن فقدان مركز تطوير تابع لشركة بحجم سوني يعني تراجعًا في حجم البحوث المحلية، وتقلص فرص التعاون الدولي، وتباطؤًا في مسار تطوير الشرائح المتقدمة التي كانت تُنتج في هرتسليا، وربما يؤدي ذلك إلى اهتزاز الصورة المزعومة للتكنولوجيا الإسرائيلية عالميًا.