في نوفمبر 2023، شهدت منصة إكس (تويتر سابقًا) موجة من سحب الإعلانات من قبل العديد من الشركات الكبرى. ادعت هذه الشركات، التي تشمل شركات تقنية ومنظمات صحية وحتى فرق رياضية، أن المنصة تحتوي على محتوى معادٍ للسامية. استند هذا الادعاء إلى تقرير صادر عن منظمة Media Matters For America، المعروفة بتوجهها اليساري.

قد يهمك أيضًا:

بمعنى آخر؛ تتهم المنظمة إكس بأن الإعلانات تظهر في حسابات عنصرية معاداة للسامية ومؤيدة لأدولف هتلر؛ لكن غاب عن مُعد التقرير اليساري ذو العقل الصدأ، أن آلية عرض الإعلانات على إكس لا تسمح بانتقاء حسابات بعينها لعرض الإعلانات فيها حصريًا، سواء كانت مؤيدة أو معارضة للسامية.

بالطبع المحتوى المعادِ للسامية يتضمن المحتوى الداعم للقضية الفلسطينية!

يبقى السؤال؛ لما تلك الحرب على إكس؟ في الواقع لأن منصة إكس كان لها دورًا هائلًا لنشر الجُرم الإسرائيلي المُرتكب في حق الفلسطينيين في الحرب الغاشمة على غزة. بدأت الحرب في أكتوبر 2023؛ وتباعًا من نوفمبر لنفس العام بدأ اللوبي الصهيوني في محاولته لابتزار الملياردير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي والمالك لمنصة إكس، من خلال الضغط ماليًا على شركته.

الشركات التقنية التي سحبت إعلاناتها من إكس؛ مثل آبل وIBM وديزني 

ردًا على هذه الاتهامات، رفع ماسك دعوى قضائية ضد المنظمة صاحبة التقرير، متهمًا إياها بالتدليس؛ إذ أنها تختار بعض الحسابات عمدًا بل أن الصور المُرفقة في التقرير عبارة عن لقطات شاشة مجمعة بشكل انتقائي. إذا بحثت عن التقرير لن تجده مُرفقًا في معظم الصحف الكبرى والمواقع الإلكترونية بعد استخدامه على نطاقٍ واسع كدليل على دعم إكس للمحتوى المعادي للسامية.

لكن توصل ماسك أخيرًا إلى دلائل تُثبت وجود ابتزاز مقصود من قِبل الجهات الإعلامية المسؤولة؛ إذ رفعت إكس دعوى قضائية ضد التحالف العالمي للإعلام المسؤول (GARM)، والاتحاد العالمي للمعلنين (WFA)، وبعض أعضاء GARM مثل CVS Health وMars وOrsted وUnilever.

وجاءت هذه الخطوة بعد أن كشف تقرير من لجنة القضاء في مجلس النواب الأمريكي عن أدلة تشير إلى أن GARM وأعضاءها نظموا مقاطعات ووظفوا تكتيكات غير مباشرة أخرى لاستهداف منصات ومنشئي محتوى ومؤسسات إخبارية غير مرغوب فيها، في محاولة لتقليص تمويلها وتقييد خيارات المستهلكين.

أينما ذهبوا تجد الابتزاز أسلوبهم

كتب ماسك في منشور له على منصة إكس اليوم، إنه يشجع بشدة أي شركة تعرضت لمقاطعة ممنهجة من قِبل المعلنين بتقديم دعوى قضائية؛ كما أشار ماسك إلى إحتمالية وقوع مسؤولية قانونية على تلك الجهات بموجب قانون RICO الأمريكي. قانون RICO، أو قانون المنظمات الفاسدة والمتأثرة بالابتزاز (Racketeer Influenced and Corrupt Organizations Act)، هو تشريع فيدرالي أمريكي سُن في عام 1970؛ وصُمم في الأصل لمكافحة الجريمة المنظمة، وخاصة المافيا.

في حالة إكس؛ يتطلب إثبات وجود نمط من الأنشطة غير القانونية؛ وهو ما أثبتته لجنة القضاء في مجلس النواب الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، يوجد ابتزاز اقتصادي ممنهج، وتآمر لتقييد التجارة "الإعلانات" ونشر معلومات كاذبة بشكلٍ متعمد، والتي تشمل محاولات منسقة للتأثير على الرأي العام.

منظمة ADL الذراع الأيمن للوبي الصهيوني

 تُعرِف رابطة مكافحة التشهير (Anti-Defamation League - ADL)؛ نفسها على أنها منظمة غير حكومية دولية غير حزبية، تهدف إلى مكافحة معاداة السامية والتعصب والتمييز ضد اليهود. بدأت المنظمة بالهجوم على ماسك ومنصة إكس باتهامات مماثلة لـMedia Matters For America؛ إذ تُكرس الرابطة نفسها للتدليس الدنيء للتغطية على جرائم الاحتلال منذ بداية الحرب.

أعطت ADL ضوءًا أخضر لـ Media Matters For America لتبدأ حملة الهجوم المُدلسة على منصة إكس؛ إذ تُصنف الرابطة عالميًا على أنها مصدر موثوق نظرًا لمكانتها كأقدم جماعات الدفاع اليهودية في الولايات المتحدة، والتي بدورها تُعد إحدى السلطات البارزة في العالم بشأن الكراهية المعادية لليهود.

لكن ليس بعد الآن! في يونيو 2024؛ صنفت موسوعة ويكيبديا الرابطة باعتبارها منظمة غير موثوقة بشأن موضوع معاداة السامية؛ بعد أن أتهم أحد المُحررين بويكيبديا أن الرابطة تمارس تسييسًا وقحًا من خلال لوي ذراع الحقائق لخدمة أهداف ورسائل محددة ترغب في نشرها والترويج لها.

لذا؛ فكل ما يصدر من الرابطة تدليس وكل ما يتبعها أو يعتمد عليها كمصدر مُدلّس أيضًا

يبدو أننا على أعتاب حملة تنظيف واسعة النطاق تستهدف المؤسسات الإعلامية المسيسة والمؤدلجة والمُدلسة بشكلٍ وقح. وتتجلى هذه الحملة في عدة مظاهر، منها تصنيف منظمات كانت تعتبر موثوقة سابقًا كمصادر غير موثوقة، وزيادة التدقيق الفيدرالي في ادعاءات بعض المنظمات المؤيدة للاحتلال، والكشف عن محاولات التنسيق لاستهداف منصات إعلامية معينة.

قد يؤدي هذا التحول إلى مزيد من التوازن في التغطية الإعلامية للقضايا المتعلقة بالشرق الأوسط خاصةً فلسطين المُحتلة. ويبقى السؤال؛ هل سيغير رجل واحد ملامح العالم؟ هل سيبدأ ماسك بوضع المسمار الأول في نعش اللوبي الصهيوني الأمريكي؟