في قرار هو الأول من نوعه في جمهورية مصر العربية؛ أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة الدكتور محمد فريد، القرار رقم 57 لسنة 2024؛ والذي ينظم عمل "برنامج المستشار المالي الآلي (Robo-Advisor)" في سوق رأس المال المصري. ويتيح هذا القرار، لشركات تكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية المرخصة، تقديم استشارات مالية آلية للمتعاملين (المستثمرين الأفراد أو المؤسسات) للاستثمار في الأوراق المالية المُقيدة في البورصة المصرية.

ويأتي هذا القرار في إطار جهود الهيئة المستمرة لتطوير وتعزيز الشمول المالي؛ وذلك من خلال توفير منتجات مالية مُبتكرة تعتمد على التكنولوجيا المالية الحديثة. وقال الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن صدور الضوابط المُنظمة لعمل برنامج المستشار المالي الآلي للاستثمار يفتح المجال لأول مرة في مصر بتقديم خدمة "مستشار الاستثمار الآلي".

وأضاف الدكتور محمد فريد أن صدور الضوابط المنظمة لعمل برنامج المستشار المالي الآلي للاستثمار يسهل على الشركات الراغبة في تقديم هذه الخدمة التقدم بطلب للحصول على ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية، وذلك بعد استيفائها للاشتراطات والمتطلبات اللازمة.

وأكد الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن إطلاق خدمة Robo-Advisor للاستثمار يسهم في تعزيز تنافسية سوق رأس المال المصري من خلال توفير خيارات استثمارية متنوعة تلبي احتياجات مختلف فئات المستثمرين. وأشار إلى أن هذه الخطوة تدعم رؤية الهيئة في تسريع التحول الرقمي وتوسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات المالية غير المصرفية؛ خاصةً في مجال الاستثمار في سوق الأسهم، وذلك من خلال الاستفادة من التطبيقات التكنولوجية الحديثة.

الهيئة العامة للرقابة المالية

برنامج المستشار المالي الآلي

يُعد برنامج المستشار المالي الآلي للاستثمار (Advisor for Investment - Robo)؛ نظام إلكتروني يُصدر استشارات مالية لتكوين محفظة استثمارية للعميل وإدارتها وإعادة توازنها، من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي. ويحدد البرنامج درجة مخاطر العميل ويشير مصطلح "درجة مخاطر العميل" إلى مستوى تحمل المخاطر الذي يمتلكه المستثمر أو العميل ومدى استعداده لتحمل تقلبات السوق وخسارة جزء من رأس المال المُستثمر في سبيل تحقيق عوائد أعلى.

ويحدد البرنامج أيضًا الأهداف الاستثمارية للعميل؛ وذلك من خلال طرح مجموعة من الأسئلة على المتعاملين (المستثمرين الأفراد أو المؤسسات) الراغبين في الحصول على استشارات استثمارية آليًا للاستثمار في الأوراق المالية المقيدة والمتداولة في البورصة.

وتشمل تلك الأسئلة بيانات ومعلومات من عدة جوانب؛ إذ تحتوي على الحد الأدنى من المعلومات عن أهداف العميل الاستثمارية، والمدى الزمني للاستثمار، والمبلغ المُراد الاستثمار به، ودرجة المخاطر كما أشرنا. كما تشمل أيضًا الوضع المالي للعميل؛ بما في ذلك مصدر دخله المنتظم، والأصول المملوكة له، ومحل السيولة المتوقع لديه؛ أي قدرة العميل على تحويل أصوله إلى نقد سائل بسرعة وسهولة، بالإضافة إلى أي التزامات أخرى عليه.

تشترط الهيئة على الشركات الحصول على موافقة العميل قبل تنفيذ أي عمليات استثمارية لا يرغب العميل في تنفيذها بشكل تلقائي من خلال خدمة Robo-Advisor.

 ويصدر البرنامج تقريرين مهمين:

  • تقرير ملاءة العميل للأوراق والأدوات المالية المُستثمر بها: من خلال تحديد درجة المخاطر المحددة لهذه الأوراق والأدوات المالية ومقارنتها بملاءة العميل؛ أي قدرته على الوفاء بالتزاماته المالية والمحافظة على رأس مال كافٍ لمزاولة نشاط الأوراق المالية؛ وذلك بعد استيفاء المتطلبات المتعلقة بجمع المعلومات عنه. ويهدف هذا التقرير إلى ضمان أن تكون الأوراق المالية المُقترحة مناسبة للعميل ولا تعرضه لمخاطر لا يستطيع تحملها.
  • تقرير ملاءمة السياسة الحاكمة للمحفظة الاستثمارية للعميل: يهدف هذا التقرير إلى ضمان أن السياسة الحاكمة للاستثمار تعكس أهداف واحتياجات العميل، وتوفر الهيكل اللازم لتحقيق تلك الأهداف بطريقة ملائمة ومناسبة لظروفه ومخاطره المالية.

ويوضح البرنامج للعميل أن الاستثمار في الأوراق والأدوات المالية من خلال البرنامج غير مناسب له، إذا أسفر تحليل بياناته عن ذلك. 

مميزات المستشار المالي الآلي

بنود تعاقد العميل للحصول على خدمة Robo-Advisor

يتضمن العقد بين الشركة والعميل نطاق تقديم الاستشارات المالية الآلية، ويحدد أهداف العميل الاستثمارية وضوابط الاستثمار، وكذلك نسبة المخاطر التي يقبلها ويتحملها العميل .ويحدد العقد كافة التكاليف والعمولات وأي مصاريف أخرى مُستحقة عن الخدمة، بالإضافة إلى التزام الشركة ببذل أقصى درجات العناية في تحقيق أهداف العميل.

ويجب على الشركات توفير حساب محاكاة (Simulation Account) للعميل لمدة شهر على الأقل قبل البدء في الاستثمار الفعلي ما لم يتفق الطرفان على مدة أطول، مع تضمين كافة التكاليف والعمولات في تعاملات الحساب الافتراضي. ويسمح حساب المحاكاة للعميل بتجربة خدمة Robo-Advisor في بيئة افتراضية دون المخاطرة بأي أموال حقيقية.

وتشمل بنود التعاقد أن تزود الخدمة توضيحًا مُفصلًا يخطر العميل بشكل مُحدث ودوري بحالة أوامر التداول الخاصة بمحفظته، وتقارير الأداء الفعلي المحقق للمحفظة، ونطاق الأداء المستقبلي المتوقع. بالإضافة إلى تزويده بسجل مفصل يتضمن جميع عمليات التداول السابقة والحالية التي حدثت نيابة عنه من خلال البرنامج.

ويجب أن ينص العقد صراحةً على حق العميل في إخطار الشركة بتعليق التداول مؤقتًا من خلال البرنامج، مع تحديد آلية واضحة لهذا الإخطار. كما يجب تحديد آلية تسوية المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين نتيجة تنفيذ العقد، على أن تكون من خلال المركز المصري للتحكيم الاختياري وتسوية المنازعات المالية غير المصرفية، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك كتابةً.

وتلتزم الشركة المُقدمة للخدمة أن يكون العقد، وأي إفصاحات أو بيانات أو تقارير أخرى تُقدم للعميل، مكتوبة باللغة العربية بشكل أساسي. وفي حال صياغة أيٍّ من هذه الوثائق بأكثر من لغة، يجب أن تكون اللغة العربية واحدة منها وأن تكون هي المرجع المعتمد في حالة وجود أي تعارض أو اختلاف في التفسير بين اللغات.

الشروط الأساسية للشركات لتقديم خدمة "المستشار المالي الآلي للاستثمار"

اشترط القانون ألا يقل رأس مال شركات تكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية المُصدر والمدفوع عن 15 مليون جنية؛ وألا تقل حقوق الملكية عن رأس المال المدفوع وقت تقديم الطلب للهيئة العامة للرقابة المالية. وتُلزم الشركة بتقديم ملف وأدلة معتمدة من مجلس إدارتها بسياسات العمل؛ ما يدل على التزام الشركة بتطبيق هذه السياسات.

ويجب أن يتضمن الملف الحد الأدنى لمدى كفاية الإجراءات والموارد البشرية المسئولة عن إدارة تصميم، وتنفيذ، واختبار، وتشغيل، ومراقبة البرنامج؛ سواء توفر من خلال الشركة أو من إحدى الجهات المتخصصة في هذا المجال؛ ما يساهم في حماية المستثمرين من خلال التأكد من أن الشركات تتبع أفضل الممارسات في إدارة برنامج Robo-Advisor؛ ويقلل من مخاطر الأخطاء أو المشاكل التي قد تؤثر على استثماراتهم.

وتضمن القرار أن تكون تقنية الذكاء الاصطناعي من النوع الذي يتوفر فيه الشفافية، والإفصاح والتوثيق، وإدارة البيانات، وتقييم المطابقة، والملاءمة للغرض؛ أي أن يكون النظام قادرًا على أداء المهام المطلوبة منه بكفاءة وفعالية، وأن يكون متوافقًا مع القوانين واللوائح ذات الصلة. بالإضافة إلى التتبع، والرقابة المستمرة بما في ذلك الرقابة البشرية.

ويجب على الشركات التي تقدم خدمة Robo-Advisor أن تضع سياسة داخلية شاملة تحكم عملية تصميم، واختيار، وتشغيل، وتطوير الخوارزميات التي يستخدمها البرنامج. ويجب أن تتضمن هذه السياسة على الأقل الإجراءات التي اتُبعت في تصميم الخوارزميات. بجانب ضوابط الاحتفاظ بالوثائق الخاصة بتصميم البرنامج والتي تحدد بشكل واضح الغرض والنطاق والتصميم الخاص بالخوارزميات، وترتيبات الأمن السيبراني.

وحدد القرار حالات وضوابط عدم الاعتماد على نتائج الخوارزميات أو تجاوزها أو تعليق الخدمة مؤقتًا، مع ضرورة إخطار الهيئة مسبقًا في حال رغبة الشركة في ذلك، على أن يتضمن الإخطار مبررات الشركة لهذا الإجراء. كما أكد القرار على أهمية مراجعة وتطوير وتحديث الخوارزميات بانتظام؛ خاصةً عند وجود عوامل قد تؤثر على ملاءمتها، بما في ذلك أي قواعد جديدة تصدرها الهيئة.

ويجب على الشركة إخطار الهيئة مسبقًا بأي تعديل يترتب عليه تغيير في المنهجية أو الاستراتيجية المطبقة، مع شرح مفصل لأسباب التعديل. ويلتزم البرنامج بتحديث بيانات العملاء سنويًا للتأكد من عدم حدوث أي تغييرات في المعلومات التي قدموها سابقًا، وكذلك عند حدوث أي تغييرات في هذه البيانات.

شروط الأمن السيبراني للشركات المُقدمة للخدمة

يجب على الشركة الحصول على تأمين ضد مخاطر الأمن السيبراني من إحدى شركات التأمين المرخصة من قبل الهيئة. ويحق للشركة أيضاً الحصول على تأمين إضافي لتغطية المخاطر التشغيلية الأخرى المتعلقة بالبرنامج. كما يجب أن تتضمن الخوارزميات المستخدمة في البرنامج ضوابط وإجراءات فعالة لاكتشاف أي أخطاء أو تحيزات في التصميم أو المخرجات الناتجة عن البرنامج.

وتلتزم الشركة بامتلاكها بنية تحتية تكنولوجية قوية وآمنة لتشغيل برنامج Robo-Advisor وحماية بيانات العملاء. كما تلتزم الشركة بتعيين مدير مسؤول عن إدارة وتشغيل برنامج Robo-Advisor ويجب أن يكون هذا المدير حاصلًا على موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية لشغل هذه الوظيفة.

ويجب أن يكون لدى الشركة فريق عمل مؤهل يمتلك الخبرة والكفاءة في التعامل مع منهجية الخوارزميات، وكذلك في الجوانب التكنولوجية المتعلقة بتقديم الخدمة. بالإضافة إلى أن يكون الفريق قادرًا على تطوير الخوارزميات وصيانتها وتحديثها بشكلٍ مستمر، والتعامل مع أي مشاكل فنية قد تنشأ.